حجــرتى
كانت الدنيا تغرق فى ظلام دامس، و أنا ارقد على سريرى، عندما سمعت الباب يطرق... حاولت أن أتجاهل الصوت، و لكنه استمر يطرق بإلحاح. فقمت متثاقلاً أتحسس طريقى إلى الباب. اصطدمت بعدة أشياء، وقع بعض منها على الأرض مُحدثاً ضجة. وصلت إلى الباب أخيراً المقبض فأدرته و فتحته.
أغمضت عينى للحظات من شدة الضوء خارج الحجرة. و بعد ثوانى، نظرت إلى الشخص الواقف أمامى قبادرنى: "لقد جئت لأتعشى معك"
لم أتذكر أننى دعوت أحداً، و لكنى قلت: "تفضل"
دخل و وضع المصباح الذى كان بيده على المنضدة، كان نوره قوياً جداً، فرأيت حجرتى بوضوح... كانت أبشع و أقذر كثيراً مما تخيلت... كنت أعلم أنها غير نظيفة، و لكن ليس إلى هذا الحد المُزرى.
نظرت إليه فى خجل... لم أعرف ماذا أقول، فبادرنى هو قائلاً: "يجب أن أنظف هذه الحجرة قبل العشاء، فهل تسمح لى؟" أومأت برأسى بالإيجاب و أنا فى شدة الخجل، و بدأ هو العمل فوراً.
بدأ بالأرض... رمى أشياء كثيرة كانت تبدو مهمة فيما مضى، و لكنها صارت بلا أهمية منذ تلك اللحظة... ألقى بنفايات وددت لو تخلصت منها منذ زمن طويل، و لكنى لم أفعل... قام بتنظيف تراكمات سنين عديدة.
بعد فترة قال لى: "ماذا عن الصندوق المُلقى فى ركن الحجرة؟"
"ماذا عنه؟"
"ماذا تضع فيه؟"
"هو صندوق زبالة، و لكنى أحتفظ فى داخله بأشياء أحبها و اعتز بها كثيراً، و أريد الاحتفاظ بها"
"و لكن إن كنت تريد حجرة نظيفة فعلاً، فلابد من رميه خارجاً، إنه يشوه منظر الحجرة"
"أرجوك لا ترميه، أنا أريد الاحتفاظ به"
نظر إلىّ متوسلاً، يلتمس موافقتى... فاستسلمت لنظرات عينيه و أجبت: "حسناً افعل ما تريد"
فابتسم و فى ثوانى أختفى الصندوق.
استمر يعمل حتى لمعت الحجرة من النظافة، و عندما انتهى قال: "هل تحب أن أفعل لك شيئاً آخر؟ فهناك أمور عديدة يجب أن تصلحها؟"
"حسناً افعل ما تشاء، و لكنى أرجو أن تنتهى من العمل بسرعة، فأنا أحب أن أحافظ على خصوصياتى"
أجاب: "و لكنى كنت أفكر بالمعيشة معك لأساعدك دائماً"
قلت: "و لكن وجودك هنا سيُقيد من حريتى التى أستمتع بها جداً"
"إن لم أمكث معك هنا، فسوف تتسخ الحجرة مرة أخرى... و إن أنا خرجت، فسوف تعيش أنت فى ظلام لأن المصباح معى.... ثم إنى أريد أن أجمل هذه الحجرة و أُزينها لنسكن فيها سوياً، عندئذ لن يعوزك شىء"
نظرت إليه، و قد استسلمت لنظرات عينيه، و قلت: "أهلاً بك فى حجرتى"
انتبهت من غفلتى و إذا بالإنجيل مفتوح أمامى و أنا أقرأ فى سفر الرؤيا الإصحاح الثالث الآية العشرون:
"ها أنا واقف على الباب و أقرع، إن فتح لى أحد، أدخل و أتعشى معه و هو معى"
"إنه على الباب يقرع، فلنفتح له، و نتمتع بوجوده، يكشف لنا ذاته، و يكشف لنا محبته، و يفتح لنا قلبه، و يشعرنا برعايته و أهتمامه... عجيب هذا الإله المحب، الذى يعطى أهمية لخليقته بهذا المقدار" قداسة البابا شنودة الثالث
منقول
كانت الدنيا تغرق فى ظلام دامس، و أنا ارقد على سريرى، عندما سمعت الباب يطرق... حاولت أن أتجاهل الصوت، و لكنه استمر يطرق بإلحاح. فقمت متثاقلاً أتحسس طريقى إلى الباب. اصطدمت بعدة أشياء، وقع بعض منها على الأرض مُحدثاً ضجة. وصلت إلى الباب أخيراً المقبض فأدرته و فتحته.
أغمضت عينى للحظات من شدة الضوء خارج الحجرة. و بعد ثوانى، نظرت إلى الشخص الواقف أمامى قبادرنى: "لقد جئت لأتعشى معك"
لم أتذكر أننى دعوت أحداً، و لكنى قلت: "تفضل"
دخل و وضع المصباح الذى كان بيده على المنضدة، كان نوره قوياً جداً، فرأيت حجرتى بوضوح... كانت أبشع و أقذر كثيراً مما تخيلت... كنت أعلم أنها غير نظيفة، و لكن ليس إلى هذا الحد المُزرى.
نظرت إليه فى خجل... لم أعرف ماذا أقول، فبادرنى هو قائلاً: "يجب أن أنظف هذه الحجرة قبل العشاء، فهل تسمح لى؟" أومأت برأسى بالإيجاب و أنا فى شدة الخجل، و بدأ هو العمل فوراً.
بدأ بالأرض... رمى أشياء كثيرة كانت تبدو مهمة فيما مضى، و لكنها صارت بلا أهمية منذ تلك اللحظة... ألقى بنفايات وددت لو تخلصت منها منذ زمن طويل، و لكنى لم أفعل... قام بتنظيف تراكمات سنين عديدة.
بعد فترة قال لى: "ماذا عن الصندوق المُلقى فى ركن الحجرة؟"
"ماذا عنه؟"
"ماذا تضع فيه؟"
"هو صندوق زبالة، و لكنى أحتفظ فى داخله بأشياء أحبها و اعتز بها كثيراً، و أريد الاحتفاظ بها"
"و لكن إن كنت تريد حجرة نظيفة فعلاً، فلابد من رميه خارجاً، إنه يشوه منظر الحجرة"
"أرجوك لا ترميه، أنا أريد الاحتفاظ به"
نظر إلىّ متوسلاً، يلتمس موافقتى... فاستسلمت لنظرات عينيه و أجبت: "حسناً افعل ما تريد"
فابتسم و فى ثوانى أختفى الصندوق.
استمر يعمل حتى لمعت الحجرة من النظافة، و عندما انتهى قال: "هل تحب أن أفعل لك شيئاً آخر؟ فهناك أمور عديدة يجب أن تصلحها؟"
"حسناً افعل ما تشاء، و لكنى أرجو أن تنتهى من العمل بسرعة، فأنا أحب أن أحافظ على خصوصياتى"
أجاب: "و لكنى كنت أفكر بالمعيشة معك لأساعدك دائماً"
قلت: "و لكن وجودك هنا سيُقيد من حريتى التى أستمتع بها جداً"
"إن لم أمكث معك هنا، فسوف تتسخ الحجرة مرة أخرى... و إن أنا خرجت، فسوف تعيش أنت فى ظلام لأن المصباح معى.... ثم إنى أريد أن أجمل هذه الحجرة و أُزينها لنسكن فيها سوياً، عندئذ لن يعوزك شىء"
نظرت إليه، و قد استسلمت لنظرات عينيه، و قلت: "أهلاً بك فى حجرتى"
انتبهت من غفلتى و إذا بالإنجيل مفتوح أمامى و أنا أقرأ فى سفر الرؤيا الإصحاح الثالث الآية العشرون:
"ها أنا واقف على الباب و أقرع، إن فتح لى أحد، أدخل و أتعشى معه و هو معى"
"إنه على الباب يقرع، فلنفتح له، و نتمتع بوجوده، يكشف لنا ذاته، و يكشف لنا محبته، و يفتح لنا قلبه، و يشعرنا برعايته و أهتمامه... عجيب هذا الإله المحب، الذى يعطى أهمية لخليقته بهذا المقدار" قداسة البابا شنودة الثالث
منقول